محكمة النقض – الدوائر المدنية-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي

محكمة النقض – الدوائر المدنية-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي

محكمة النقض – الدوائر المدنية-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي

من حق المواطن السوري واللبناني المطالبة بالتنفيذ على ضوء الاتفاقية السورية اللبنانية والتي مازالت سارية المفعول على البلدين. فإنه لايجوز الامر بالتنفيذ إلا اذا كانت المحاكم السورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم وكانت المحكمة التي اصدرته مختصة بها وفقاً لقانونها ولايحق للقضاء المطلوب اليه التنفيذ ان يعترض على مسألة الاختصاص الداخلي لان هذا شأن القضاء الوطني الذي اصدر القرار لاشأن القضاء المطلوب اليه التنفيذ فيه.
وان عدم مخالفة النظام العام امر مسلم فقها وقضاء وهو مسلم به في كل قوانين مختلف بلاد العالم.

في القانون والمناقشة القانونية: من الثابت على ان الجهة طالبة المخاصمة استحصلت على قرار من قاضي العجلة في بيروت والمتضمن الزام المطلوب مخاصمته بدفع مبلغ خمسين الف مارك كسلفة مؤقتة او بما يعادلها بالعملة اللبنانية ورد سائر الاسباب والمطالب الاخرى.وقد طرح هذا الحكم لدى دائرة التنفيذ في دمشق.
وقد قررت الدائرة الاستجابة للطلب وفق منطوق القرار الا ان محكمة الاستئناف فسخت القرار وقضت برد الدعوى وقد استند القرار المشكو منه المسائل التالية:
أولا- اتفاقية الرياض اشارت بالمادة /72/ على الغاء الاتفاقيات الثنائية المعمول بها حاليا وحلت محل الاتفاقيات الثلاث المعقودة في 1952.
ثانيا- طرفا الاستئناف لم يقدما اي دليل على الاستمرار بالاتفاقيات الثنائية.
ثالثا- تطبيق الاتفاقية الثنائية ينحصر بالمادة /25/ من اتفاقية الرياض التي لاوجود لها في الاتفاقية الثنائية السورية اللبنانية التي نصت بالفقرة /ج/ على عدم سريان الاعتراف بالاحكام الصادرة في القضايا المدنية اذا كان الحكم يتضمن اجراء وقتيا او تحفظيا مما يستوجب عدم تنفيذ القرار وفقا لنص المادة المذكورة في حال الغاء الاتفاقية السورية اللبنانية.
رابعا- ان النصوص المشتركة للاتفاقيتين في عدم سريان تنفيذ الاحكام اذا كانت تخالف النظام العام في الطرف المطلوب اليه التنفيذ.
خامسا- القرار يجب معالجته على اساس انه مخالف للنظام العام والقرار تعدى على الموضوع لانه لايجوز لقاضي العجله التصدي للموضوع.تلك هي الاسس الواردة في االقرار الذي انتهى الى النتيجة المشكو منها.لابد من الاسراع للقول على ان ما جاء في المادة /72/ من اتفاقية الرياض انما ينصرف للاتفاقيات الثلاث المعقودة ضمن نطاق جامعة الدول العربية والتي اقرها مجلس جامعة الدول العربية في 14/9/1952 وهي خاصة.
1- تنفيذ الانابات والاعلانات القضائية.
2- تسليم المجرمين.
3- تنفيذ الاحكام.
ولا علاقة لهذه الاتفاقيات الثلاث بالاتفاق القضائي السوري اللبناني الجاري في 25/2/1951 والمصادق عليه بالقانون رقم 148 تاريخ 7/11/1951.
هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية لو تفحصنا نص المادة 69 من اتفاقية الرياض لوجدنا ان الفقرة /ب/ قد اشارت الى انه في حال تعارض احكام هذه الاتفاقية مع احكام اية اتفاقية خاصة سابقة فانه يطبق النص الاكثر تحقيقا لتسليم المتهمين.
وما جاء في نص الفقرة /آ/ انما ينصرف الى الاتفاقات اللاحقة لا الاتفاقات السابقة بدليل (لايجوز للطرفين او اكثر الاتفاق على ما يخالف احكامها) ويضاف الى ذلك فإن الاتفاقيات الثنائية المعقودة لم يأت اي نص على الغائها وكل ما جاء في اتفاقية الرياض لم يتعرض لذلك وانما لايجوز انشاء اتفاقيات مستقبلية تعارضه في ذلك.
وطالما ان هذا ثابت بصورة اكيده فان من حق المواطن السوري واللبناني المطالبة بالتنفيذ على ضوء الاتفاقية السورية اللبنانية والتي مازالت سارية المفعول على البلدين والأدل على ذلك الاتفاقية اللاحقة للاتفاقية السورية اللبنانية والمتعلقة بالتحكيم.
وبما ان من احكام الاتفاقية اللبنانية السورية هي الواجبة الاحترام فانه لابد من القول على ان الاحكام الواردة في المادة /17/ تنصرف الى القواعد العامة من حيث اقتصار الاحكام القابلة التنفيذ على الاحكام الصادرة في مواد القانون الخاص ومناط كون الحكم صادرا في هذه المواد هو نوع المسألة التي فصل فيها بصرف النظر عن القضاء الذي اصدره ويتوجب ان يؤخذ الحكم الوارد في هذه المادة على معناها العام الذي يشمل الحكم بالمعنى الخاص.
(القانون الدولي الخاص- عز الدين عبد الله ص 958).
وعلى هذا فان الحكم المطروح للتنفيذ طالما تضمن الزاما محددا فانه يخضع الى احكام القانون الخاص فانه يعتبر صالحا للتنفيذ.
ولناحية ثانية فان محاكم كل دولة تحدداختصاصها بما يرفع اليها من منازعات طبقا لقانونها ولايمكن ان يفترض تقيدها في هذا الشأن بقواعد الاختصاص الدولي لمحاكم الدولة التي يراد أو يحتمل تنفيذ الحكم في اقليمها (القانون الدولي الخاص= عز الدين عبد الله ص 900).
وعلى هذا فانه لايجوز الامر بالتنفيذ الا اذا كانت المحاكم السورية غير مختصة بالمنازعة الذي صدر فيها الحكم وكانت المحكمة التي اصدرته مختصة بها وفقا لقانونها.
وعلى هذا فان امر الاختصاص الداخلي يكون لقانون المحكمة لتي اصدرت الحكم لان هذه المسألة تخص القانون الاجنبي قانون هذه المحكمة.
وطالما ان الحكم قد استند الى حكم المادة /576/ من قانون الاصول اللبناني فان هذا القانون هو الواجب الاحترام ولايحق للقضاء المطلوب اليه التنفيذ ان يعترض على مسألة الاختصاص الداخلي لان هذا شأن القضاء الوطني الذي اصدر القرار لاشأن القضاء المطلوب اليه التنفيذ فيه.
ولناحية ثالثة ان عدم مخالفة النظام العام امر مسلم فقها وقضاء وهو مسلم به في كل قوانين مختلف بلاد العالم ويرى الفقه الفرنسي على ان اثر الدفع بالنظام العام في هذه الحالة يكون مخففا تطبيقا لفكرته في ان اثر الدفع بالنظام العام يخف في حالة التمسك بحق انشاء في الخارج عنه في حالة انشاء علاقة في بلد القاضي وحملا على ان الحكم الاجنبي هو حق نشأ في خارج بلد القاضي ويتعين تمتعه بالاحترام الدولي ويمكن الاخذ بهذه النظرية في سورية وتقدير كون الحكم الاجنبي لايتضمن ما يخالف النظام العام الوطني يراعى فيه منطوق الحكم وكذلك ما جاء بحيثياته عز الدين عبد الله من القانون الدولي الخاص ص 919).
والنظام العام كما هو مفهوم في الفقه الدولي بانه وسيلة قانونية يستبعد بها في النزاع المطروح امام القاضي الحكم الاجنبي متى تعارضت احكامه مع المبادىء الاساسية التي يقوم عليها نظام المجتمع في بلد القاضي.
ويمكن القول ان النظام العام فكره مجرده مؤداها وجود نظام عام في الدولة وهو عبارة عن نظام المجتمع الاعلى وهو نظام متعدد الجوانب من خلقية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
وانما لايمكن حصره في دائرة معينة فهو حالة تختلف من مكان الى مكان وهو يعد متغير على كر الزمان وكل ما ينشر بشأنه اداة للتعرف عليه هو معيار مرن ومتغير على الزمان والمكان شأنه في شأن النظام العام ذاته الا وهو معيار المصلحة العامة وبعبارة ادق المصلحة العامة العليا للمجتمع) وانطلاقا هذه الاسس يمكن تلخيص مايلي:
1- ما جاء في المادة /72/ من اتفاقية الرياض ينصرف للاتفاقيات الثلاث المعقودة في نطاق جامعة الدول العربية والمتعلقة.
1- بتسليم المجرمين.
2- تنفيذ الانابات القضائية والاعلانات.
3- تنفيذ الاحكام.
2- ما جاء في المادة /69 من الاتفاقية بالفقرة/ب/ تؤكد على احترام الاتفاقيات السابقة.
3- ان الحكم الوارد سواء في المادة /17/ من الاتفاقية اللبناية السورية التي مازالت سارية المفعول فيما خص العلاقة بين البلدين والتي جاءت قبل اتفاقية الرياض بفترة طويلة وان ماجاء بالمادة /25/ من اتفاقية الرياض انما ينصرف الى نوع المسألة التي فصل بها بصرف النظر عن القضاء الذي اصدره.
4- ينصرف في أمر المنازعة القواعد الداخلية لقانون القاضي الذي اصدره ولاشأن لقاضي التنفيذبالامور الداخلية التي احتواها القرار سواء لجهة الاختصاص القيمي او النوعي لان هذا من شأن القانون الداخلي اي قانون المحكمة الذي اصدرته.
5- انه لايجوز تطبيق قانون القاضي المطلوب اليه التنفيذ في امور الاختصاص الداخلي التي يبقى محكوماً بقانون القاضي الذي اصدره.
6- لامخالفة في القرار للنظام العام طالما ان قواعد الاختصاص الداخلي تجيز ذلك.
7- القرار لايحتاج الى اكساء بصراحة الاتفاقية ونص المادة/ / اصول محاكمات وانطلاقا من كل هذه الاسس هل تعتبر المحكمة التي اصدرت القرار خاطئة واذا كان ثمة خطأ فهل يعتبر من نوع الخطأ الفاحش في حقيقة الامر فان جميع ماذكره القرار سواء الاكثرية أو الاقلية فيه مخالفة لكل القواعد القانونية، واهدار لها، ولايجوز لمثل هذه الهيئة ان ترتكبه لان فيه انحرافاً عن الحد الاذدنى للمبادىء الاساسية في القانون.
واذا كان هدف التفسير للنصوص القصد منه استبعاد النصوص القانونية الواجبة الاحترام فان الخطأ الفاحش يشوب هذا القرار.
وبما ان القضية مهيأة للفصل.
وبما ان قرار رئيس التنفيذ جاء متفقا مع حكم القانون.
لذلك تقرر بالاتفاق:
1- قبول الدعوى شكلا.
2- قبول الدعوى موضوعا.
3- ابطال القرار الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية الاولى في دمشق بوصفها مرجعا للقضايا التنفيذية اساس 1308 قرار 1273 تاريخ 23/11/1998 واعتبار هذا الابطال بمثابة تعويض.
4- قبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا.
قرار 913 / 1999 – أساس 780 – محكمة النقض – الدوائر المدنية – سورية
قاعدة 42 – م. القانون 1999 – القسم الأول