الهيئة العامة لمحكمة النقض- تفسير العقد-حوالة الحق-هبة

الهيئة العامة لمحكمة النقض- تفسير العقد-حوالة الحق-هبة

الهيئة العامة لمحكمة النقض- تفسير العقد-حوالة الحق-هبة

تفسير العقد خلافا لارادة الطرفين المعبر عنها في العقد بقصد استبعاد تطبيق احكام العقد يشكل خطا مهنيا جسيما كما يشكل مخالفة لنص المادة (151) من القانون المدني.
– ان العبرة في حوالة الحق لما يقصد المحيل فاذا كان بقصد التبرع فالعقد يكون عقد هبة و يخضع لاحكام الهبة.
– ان حوالة الحق و ان كانت تتم بين المحيل و المحال دون حاجة لرضاء المدين لكنها لا تكون نافذة قبل المدين الا اذا قبلها او تبلغها.
– الفقرة الثانية من المادة (454) مدني اجازت للواهب دون ان يتجرد عن نية التبرع ان يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين.
– المادة (460) مدني نصت على انه تقع هبة الاموال المستقبلية باطلة و لا تلحقها الاجازة و لا يرد عليها التقادم و يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان كما يجوز للقاضي ان يحكم به من تلقاء ذاته.

النظر في الدعوى:
من حيث ان دعوى المخاصمة تقوم على المطالبة بابطال الحكم المخاصم الصادر في الدعوى رقم اساس (1740) تاريخ 28/5/2001 رقم قرار (1059) لوقوع الهيئة مصدرة الحكم في الخطا المهني الجسيم للاسباب المبينة انفا.
و حيث ان المدعية طلبت في الدعوى الاصلية المتفرعة عنها هذه الدعوى القاء الحجز الاحتياطي على المقسمين رقم (2 و 3) من العقار رقم (2792) طوق البلد – اللاذقية و الزام المدعية بالمخاصمة (المدعى عليها ) بان تدفع لها مبلغ 99700 ليرة سورية فقضت محكمة البداية في اللاذقية للمدعية وفق الادعاء و ايدتها محكمة الاستئناف في اللاذقية و من ثم الغرفة المدنية الثالثة لدى محكمة النقض – الغرفة المشكو منها بموجب حكمها المخاصم.
و حيث ان وقائع القضية تشير الى ان المرحوم اسكندر هو خال المدعية بالمخاصمة و ليس له اولاد قد باع المدعية بيعا قطعيا المقسمين (2 و 3) من العقار رقم (2792) بموجب العقد رقم (4836) تاريخ 4/12/1993 لقاء بدل على ان يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالمقسمين طيلة حياته ثم نظم بتاريخ 7/2/1994 صك توكيل خاص الى المدعية نوال لتنوب عنه امام مصرف التسليف الشعبي في اللاذقية بسحب و ايداع المبالغ المدونة مهما بلغت كما فوضها بنقل حسابه بموجب صك توكيل خاص.
و بتاريخ 12/7/1994 قام المذكور اسكندر بتاجير المقسمين الذي يملك حق الانتفاع فيهما الى المدعى عليها بالمخاصمة ليلى باجر سنوي مقداره 1500 ليرة سورية لاستعماله كمرسم ثم و بتاريخ 27/7/1994 تقدم الاستاذ عبد الخالق بصفته وكيلا عن اسكندر بادعاء مباشر امام محكمة بداية الجزاء في اللاذقية ضد المدعية نوال المقيمة بحلب بجرم اساءة امانة مدعيا انها سحبت رصيده في المصرف البالغ 1.277728 ليرة سورية و سجلت الدعوى برقم اساس (4465) ثم تقدم الاستاذ عبد الخالق بتاريخ 27/9/1994 بادعاء امام محكمة البداية المدنية في اللاذقية و طلب ابطال عقد البيع بداعي الغبن ثم نظر اسكندر بتاريخ 5/12/1991 عقد هبة للمدعى عليها ليلى ثم توفي بتاريخ 20/4/1995
اصدرت محكمة بداية الجزاء قرارها رقم (914) تاريخ 30/7/1996 باسقاط الدعوى العامة عن المدعى عليها نوال تبعا لاسقاط ورثة اسكندر حقهم الشخصي عنها و رد دعوى المتدخلة ليلى و صدق القرار استئنافا و اصدرت محكمة البداية المدنية حكمها رقم 4078/1929 حيث الزمت المدعى عليها نوال بان تدفع للمدعية ليلى مبلغ 970816 ليرة سورية مع الفائدة بواقع 4% من تاريخ 27/7/1994 و صدقته محكمة الاستئناف و من بعدها الغرفة المخاصمة لدى محكمة النقض بموجب قرارها المخاصم.
و حيث ان مستند المدعية ليلى في الدعوى الاصلية هو عقد الهبة المشار اليه الذي نص في المادة الاولى منه على ما يلي:
1- وهب الفريق الاول للفريق الثاني (ليلى) المبلغ المستحق له بذمة نوال موضوع الدعوى المقامة عليها امام محكمة بداية الجزاء.
2- العقار رقم (2792) بمقسمين (2 و 3) في محله المشروع طوق البلد موضوع الدعوى المقامة على نوال امام محكمة البداية المدنية في اللاذقية رقم اساس (7367) لعام /1994/ و اي مبلغ يحكم به اضافة اليه /م2/ قبل الفريق الثاني الهبة المنوه بها في المادة الاولى السابقة /م3/ يقع على عاتق الفريق الثاني مقابل تلك الهبة القيام برعاية الفريق الاول و العناية به طبيا و صحيا و طعاما و نفقة طيلة حياته و هذه الهبة قطعية.
و حيث ان الهيئة المخاصمة كيفت التصرف الجاري بين الواهب اسكندر و بين الموهوب لها ليلى بانه حوالة حق وردت على حق معلق على شرط واقف ايلولة الحق الى المحيل اذ ينتقل الحق المحال له باثر رجعي يستند الى تاريخ نشوء الالتزام بحسبان ان الحوالة هي اتفاق ما بين المحيل و المحال له يبدا بانشاء التزام في ذمة المحيل و ينتقل حقه الشخصي الى المحال له و يتم تنفيذ الالتزام فورا بمجرد نشوئه فينتقل الحق الى المحال له.
و حيث ان ما ذهبت اليه المحكمة من تكييف العقد بانه عقد حوالة بقصد استبعاد تطبيق احكام عقد الهبة على التصرف موضوع الدعوى فعلى فرض صحة ذلك فهذا لا يغير شيئا من المركز القانوني لكل من المتعاقدين بين ذلك ان العبرة لما قصده المحيل فاذا كان يقصد نية التبرع كما هو الحال فالعقد يكون عقد هبة و هو يخضع بالتالي لاحكام الهبة و في كل الاحوال فان الحوالة و لئن كانت تتم بين المحيل و بين المحال دون حاجة لرضاء المدين لكنها لا تكون نافذة قبل المدين الا اذا او تبلغها كما هو عليه الاجتهاد القضائي يضاف الى ما سبق فان تفسير العقد خلافا لارادة الطرفين المعبر عنها في العقد بقصد استبعاد تطبيق احكام العقد يشكل خطا مهنيا جسيما كما هو عليه اجتهاد هذه الغرفة كما يشكل مخالف للقانون بذلك ان المادة (151) من القانون المدني نصت على انه اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين و الانحراف عن عبارة العقد الواضحة فيه مخالفة للقانون كما ليس للمحكمة تكيف الدعوى خلافا لما اراده الطرفان بشكل تلقائي رغم عدم الخلاف بين المحيل و المحال له على ان العقد هو عقد هبة و ان ظروف القضية و طبيعة التصرف تؤكد انصراف النية الى التبرع و ان العقد هو عقد هبة هذا و لئن ورد في النص الاخير للعقد انه لقاء بدل فذلك لا يغير من طبيعة العقد فقد اجازت الفقرة (2) من المادة (454) من القانون المدني للواهب دون ان يتجرد على نية التبرع و ان يفرض على الموهوب له القيام بالزام معين بعد ما نصت الفقرة الاولى منها على انه عقد دون عوض.
و حيث الثابت من عقد الهبة ان المرحوم اسكندر وهب المدعى عليها ما قد سيؤول له من الحقوق في الدعويين اللتين اقامتها على المدعية نوال اي ان المال الموهوب غير موجود وقت الهبة انما هو حق يحتمل وجوده في المستقبل و بعبارة اخرى هو ما يسمى بالمال المستقبل و بهذه المثابة يكون العقد باطلا كما هو صريح المادة (460) من القانون المدني التي نصت تقع هبة الاموال المستقبلية باطلة ولا تلحقها الاجازة و لا يرد عليها التقادم و يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان كما يجوز للقاضي ان يحكم بها من تلقاء نفسه ( الوسيط للسنهوري جزء 5 ص 117).
وحيث انه يضاف الى ما سبق بيانه فان المحكمة قد استجابت لطلب المدعى عليها ليلى و سمعت شهودها و بذلك عليها انطلاقا من اقامة المساواة بين الخصوم تمكين المدعية من اقامة البينة المعاكسة بدعوة شهودها اللذين طلبت الاستماع اليهم و لانها لم تفعل ذلك رغم الاجتهاد المستقر تكون قد وقعت في خطا مهني جسيم ( نقض مخاصمة 615/468 تاريخ 27/6/1995 القانون 1994/1995).
و حيث ان تنكب المحكمة عن هذا المسار القانوني سبب لها الوقوع في عدة اخطاء مهنية جسيمة تستدعي ابطال الحكم المخاصم.
لذلك تقرر بالاتفاق:
1- ابطال الحكم الصادر في الدعوى رقم اساس (1740) و قرار رقم (1059) تاريخ 28/5/2001 و اعتبار هذا الابطال بمثابة تعويض.
2- اعادة التامين لمسلفه.
3- تضمين المدعى عليها الرسوم و المصاريف.
4- حفظ الاوراق اصولا.
قرار 310 / 2002 – أساس 408 – الهيئة العامة لمحكمة النقض – سورية
قاعدة 316 – اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض 2001 – 2004 – الألوسي –