المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة-اصابة عمل

المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة-اصابة عمل

المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة-اصابة عمل

إن دور المهنة التي يمارسها العامل تعتبر عاملا هاما لتحديد فيما إذا كانت الإصابة ناجمة عن العمل أم لا.
إن كلفة العلاج تقدر حسب تعرفة وزارة الصحة شريطة التقدم بفواتير نظامية مصدقة أصولا.

وقائع الدعوى
بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الايضاحات و المداولة.
و من حيث أن الطعنين الموحدين قد استوفيا إجراءاتهما الشكلية فهما جديران بالقبول شكلا.
و من حيث أن وقائع الدعوى تتحصل -حسبما استبان من الأوراق- بأن وكيل المدعي المطعون ضده كان قد تقدم بتاريخ 2002-03-09 بدعوى إلى محكمة البداية بالرقة جاء فيها: بأن المدعي يعمل لدى الجهة المدعى عليها الثانية بوظيفة عامل مستودع منذ عام 1982 حيث تم ندبه إلى أمين مستودع مبيدات حشرية زراعية لمدة ثماني ساعات يوميا و كان يتعرض لأبخرة المبيدات الحشرية بمختلف أنواعها و نتيجة عدم تأمين وسائل الوقاية اللازمة من كمامات أو فلاتر قماشية أو قطنية من قبل جهة الإدارة فقد أصيب بسرطان مثانة مما أدى إلى استئصالها بشكل كامل حيث أحدث لديه ذلك عجز جسدي تام و قد تم تنظيم بلاغ إصابة عمل.
الأمر الذي حدى به إلى إقامة دعواه الماثلة ملتمسا فيها من حيث النتيجة إجراء خبرة طبية لتقدير نسبة العجز الناجمة عن إصابته و إلزام المدعى عليها باعتماد إصابته كإصابة عمل و بأن تدفع له التعويض المناسب و نفقات العلاج و مدة التعطيل عن العمل.
و بنتيجة المحاكمة أصدرت المحكمة قرارها المطعون فيه ذي الرقم 33 المؤرخ في 2002-05-18 بالدعوى أساس 67 لسنة 2003 الذي انتهى إلى الحكم بإلزام الجهة المدعى عليها باعتبار إصابة المدعي إصابة عمل و بأن تدفع له تعويضا معادلا لنسبة العجز الناجمة عن الإصابة و البالغة 85% من مجمل وظائف الجسم لكي يكون 85×5=425,000 ليرة سورية و إن فترة التعطيل لمدى الحياة إضافة إلى أجور و تكاليف العلاج السابق و التعطيل عن العمل المستقبلي المقدر بمائة و خمسون ألف ليرة سورية.
و قد شيدت المحكمة قضاءها على ما ثبت لها من الأوراق و من تقرير الخبرة الطبية الثلاثية التي استعانت بها من أن اصابة المدعي ناجمة عن العمل و بسببه و تخلف لديه عجزا وظيفيا دائما نسبته 85% من مجمل وظائف الجسم.
و من حيث أن جهة الإدارة بادرت الى الطعن بالقرار المذكور ناسبة إليه مخالفة أحكام القانون و الخطأ في تطبيقه و تأويله، تأسيسا على أن الخبرة الطبية التي استندت اليها المحكمة مصدرة الحكم الطعين مخالفة للأصول و القانون و مبالغ فيها و لا تتناسب مع الإصابة و بأن إصابة المدعي لا تعتبر إصابة عمل لعدم ورود المواد التي يتعامل بها في جدول السرطان الذي لا يعتبر مرض مهني كما أن مؤسسة التأمينات الإجتماعية ملزمة بمعالجة المصابين في الأماكن التي تحددها أو وفق اتفاقات خاصة و بأنها على استعداد لصرف مستحقات المدعي عن فترة تعطيله عن العمل، كما أن المدعي أسس طعنه على مخالفة القرار الطعين للأصول و لا قانون قائلا بأن الاجتهاد القضائي استقر على أن يمنح المصاب عن كل درجة عجز ستة أو سبعة آلاف ليرة سورية و بأن القرار الطعين لم يحكم له بالتعويض لتعطله عن العمل مدى الحياة و لم يراع أنه المعيل الوحيد لأسرته.
و من حيث أن هذه المحكمة و حرصا منها على تقصي الحقيقة و ضمانة لسلامة الاستخلاص و سعيا وراء التبصر و إمعان النظر فقد قررت اعادة الخبرة الجارية بالقضية بمعرفة خمسة خبراء لبيان فيما إذا كانت الإصابة المدعى بها ناجمة عن العمل و بسببه و تحديد نسبة العجز المتولدة عنها و تحديد نفقات العلاج.
و من حيث أن السادة الخبراء نهضوا بمهمة الخبرة انتهوا في تقريرهم المؤرخ في 2007-02-21 إلى أن الإصابة المدعى بها غير ناجمة عن العمل لأن المدعي ليس على تماس مباشر مع المواد الكيمائية كونها مغلفة و مغلقة.
و من حيث أن المحكمة استجابت لمطلب الجهة المدعية و أجرت خبرة طبية سباعية بخصوص الاصابة موضوع الدعوى و قد انتهى الخبراء بتقريرهم المؤرخ في 2006-04-18 إلى أن مهنة المدعي تعتبر عامل مساعد على تطور المرض الورمي لدى المذكور و هذا ما أدى بدوره إلى استئصال المثانة و أن نسبة العجز المتخلفة لديه بعد العمل الجراحي هي 40% من مجمل وظائف الجسم و هي على علاقة بمهنته، كما تقدموا بتقرير تكميلي مؤرخ في 2006-07-03 بينوا فيه أن نسبة العجز المتخلفة عن الإصابة المذكورة تبلغ 65% من مجمل وظائف الجسم و إن كلفة العلاج تقدم حسب تعرفة وزارة الصحة على أن يتقدم بفواتير نظامية مصدقة أصولا و أن كلفة استئصال المثانة الجذري يقدر بمائة ألف ليرة سورية كحد أدنى، كما تقدموا بناء على تكليف من هذه المحكمة بتقرير تكميلي مؤرخ في 2007-07-05 صدر بالاكثرية بينوا فيه أن تكاليف العمل الجراحي و العلاج الدوائي المتمم يقدر ب 520,000 ليرة سورية و أكدوا فيه أن نسبة العجز البالغة 65% من كامل وظائف الجسم.
و من حيث أنه و في هدي ما تقدم يغدو طعن جهة الإدارة قائما على ما يبرره قانونا و متعين القبول في شطر منه تمهيدا لتعديل الحكم الطعين على النحو السالف بيانه في تقرير الخبرة الطبية السباعية التكميلي المؤرخ في 2007-07-05 الذي صدر متفقا مع الأصول و القانون و لم تجد المحكمة في ملاحظات جهة الإدارة الواردة تعقيبا عليه ينال من صحته.
لهذه الأسباب:حكمت المحكمة بما يلي:

1- قبول الطعنين شكلا.
2- قبولهما في شطر و تعديل الحكم الطعين ليصبح على النحو التالي:
(إلزام المدير العام للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إضافة لوظيفته باعتماد إصابة المدعي () موضوع هذه الدعوى كإصابة عمل، و إلزامه بأن يدفع له تعويضا معادلا لنسبة العجز الحاصلة لديه و البالغة 65% خمس و ستون بالمائة من مجمل وظائف الجسم، محسوبا وفقا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، و اعتبار تاريخ تقديم تقرير الخبرة الطبية الأول الواقع في 2002-04-23 تاريخا لثبوت العجز و أساسا لحساب التعويض و إلزامه بأن يدفع للمدعي مبلغ مقداره 250,000 مئتان و خمسون ألف ليرة سورية نفقات عمل جراحي و علاج دوائي متتم و رفض ما تجاوز ذلك من طلبات.
3- إعادة نصف رسوم الطعن و بدل كفالته إلى الجهة العامة الطاعنة و تضمين الطرفين مناصفة المصاريف و مبلغ 50 ليرة سورية مقابل اتعاب المحاماة.
صدر و تلي علنا في 1429-02-13 هـ الموافق 2008-02-20 م.
القرار رقم 234/2 في الطعن 976 لعام 2008.
الهيئة من المستشارين السادة: دياربكرلي – ناشف – منصور
قرار 234/2 / 2008 – أساس 976 – المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة – سورية
قاعدة 32 – مجموعة مبادئ المحكمة الادارية العليا 2005 – 2009