الهيئة العامة لمحكمة النقض-الصورية بين الطرفين-صلة القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة
- August 21, 2023
- Yasser Hazzory
- مجلة المحامون
الهيئة العامة لمحكمة النقض-الصورية بين الطرفين-صلة القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة
* إن الصورية بين الطرفين تعيدهما إلى الحال التي كانا عليها قبل التعاقد، لأن العقد الصوري لا ينقلب صحيحا مهما امتد الزمن.
* إن صلة القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة، والتي تعتبر الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي، هي من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض، ذلك أنه يجوز إثبات صورية العقد بالبينة الشخصية إذا وجد مانع أدبي.
* ليس لمحكمة الاستئناف (ولا لمحكمة النقض) الفصل في مسألة غير مطروحة عليها، ولا لبحث وجه لم يتناوله استدعاء الاستئناف، أو استدعاء النقض.
(هيئة عامة، قرار 940 لعام 1977)
* على مدعي المخاصمة أن يبرز كافة الوثائق المتعلقة بدعواه كاملة، مصدقة من المرجع المختص، ويشار في هذا التصديق إلى أنها مبرزة في الدعوى التي انتهت بالقرار موضوع المخاصمة، وذلك ليصار إلى استقرائها لاستبيان ما إذا كانت المحكمة قد وقعت في الخطأ المهني الجسيم.
(هيئة عامة، قرار 203 لعام 1996)
القرار موضوع المخاصمة:
صادر عن محكمة النقض – الغرفة المدنية الثانية برقم أساس (3135)، وقرار (1867) تاريخ 23/9/2002 المتضمن من حيث النتيجة رفض الطعن.
النظر في الدعوى:
إن الهيئة الحاكمة بعد اطلاعها على استدعاء الدعوى، وعلى القرار موضوع المخاصمة، وعلى مطالبة النيابة العامة المتضمن من حيث النتيجة رد الدعوى بتاريخ 4/5/2003، وعلى أوراق القضية كافة، وبعد المداولة أصدرت الحكم الآتي:
أسباب المخاصمة:
1- تصدى السادة القضاة لمسألة غير مطعون فيها، وبناؤهم الحكم المخاصم عليها بشكل الخطأ المهني الجسيم. فقد استقر القضاء والفقه على أنه ليس لمحكمة الاستئناف، ولا لمحكمة النقض، الفصل في مسألة غير مطروحة عليها، ولا لبحث وجه لم يتناوله استدعاء الاستئناف، أو استدعاء النقض. (هيئة عامة، قرار 940 لعام 1977). ومحكمة الدرجة الثانية لم تبحث في الصورية إطلاقا، وإنما قصرت بحثها على عدم جواز سماع دعوى طالب المخاصمة بفسخ التسجيل لقيام حجية الحكم الجزائي المانع من سماعها، وأن أسباب طعن طالب المخاصمة بحكم الاستئناف قد أخذ على محكمة الاستئناف بناء حكمها عبر حجية الحكم الجزائي المذكور، وكان المتعين على السادة القضاة المتخاصمين البحث عما إذا كان الحكم الجزائي الذي عولت عليه محكمة الاستئناف في بناء حكمها له حجية تمنع سماع دعوى طالب المخاصمة، أم أنه لا حجية له.
2- مخالفة السادة القضاة المخاصمين نص القانون الصريح يشكل الخطأ المهني الجسيم. فقد نصت المادة (54) بينات، على جواز الإثبات بالشهادة إطلاقا في الالتزامات التجارية. ونصت المادة (56) بينات، على جواز الإثبات بالشهادة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة. ونصت المادة (57) على جواز ما يأتي الإثبات بالشهادة في الالتزامات التعاقدية حتى ولو كان المطلوب تزيد قيمته على خمس مئة ليرة سورية إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي. (وقد أورد مدعي المخاصمة عددا لا يستهان به من الاجتهادات القضائية للمحاكم السورية، ولمحكمة النقض، والهيئة العامة، والآراء الفقهية المتعلقة بما ورد بالورد في النصوص الثلاثة آنفة الذكر (54 و56 و57 بينات). وقد جرى الفقه والقضاء على عد صلة شخصية بين المتعاقدين مانعا أدبيا تمنع من الحصول على سند مكتوب (د. مرقس في «أصول الإثبات» ج2، ص564، وص574. ونقض سوري، القرار 888، لعام 1981. ونقض سوري، القرار 1800 لعام 1980 المرفق صورا عنهما. وقرار نقض سوري، رقم 577، تاريخ 3/6/1976، مجلة القانون لعام 1976، ص614، والذي جاء فيه: «يتضح من الرجوع إلى الأسباب الموجه في قانون البينات أن ما ورد في المادة 57 منه لجهة المانع الأدبي، إنما ورد على سبيل المثال لا الحصر، وليس ثمة ما يمنع المحكمة استثبات قيام القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة من المواقع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي، وهو من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض). ولما كان ما سلف فيجوز لطالب المخاصمة إثبات ما يخالف العقد الظاهر بوسائل الإثبات كافة لقيام المانع الأدبي (الصداقة الحميمة بينه وبين المدعي عليه)، فضلا عن قيام التحايل عليه وقت توقيعه العقد الظاهر، يجوز لطالب المخاصمة إثبات ما يخالف العقد الظاهر بجميع طرق الإثبات (نقض، قرار 1468، تاريخ 2/7/1966، تقنين بينات، طعمة، ج1 ص451). ومن حيث إن دعوى طالب المخاصمة بصورية العقد فيجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف العقد الظاهر لقيام المانع المادي والأدبي بين طالب المخاصمة والمدعى عليه… وأن ليس للمدعى عليه… أن يتمسك بالعقد الظاهر لأنه كان عالما وقت تعامله مع… بصورية العقد الظاهر والعقد الذي يسري بحقه هو العقد الحقيقي. وكان العلم بالعقد المستتر واقعة مادية فيجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات بما في ذلك البينة الشخصية والقرائن (الوسيط للسنهوري، ج2، ص1102)، وأن محكمة الدرجة الأولى قضت بصورية التسجيل فقام بطلب تسجيل العقار من اسم… وإعادة تسجيله لاسم المدعي، وبنت حكمها على ما استخلصته من أقوال الشهود خلافا لما انتهت إليه محكمة الاستئناف، والقرار المخاصم الصادر عن محكمة النقض.
3- التفات السادة القضاة المخاصمين عن اجتهاد مطرد دون مبرر في القانون خطأ مهني جسيم. إنه ليس هناك ما يمنع قيام المحكمة باستثبات قيام صلة الصداقة، والنسب، تمهيدا لإقرارها قيام المانع الأدبي وعلى اعتبار صلة القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي هو من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض. وإن إسباغ الرسمية على العقد الصوري لا تحصنه من قبول إثبات وجود العقد الحقيقي بالبينة الشخصية (القاعدة 30، ص56، ج1 من كتاب الاجتهاد المدني الحديث – النبواني، طبعة 1991)، ويجوز إثبات صورية العقد بالبينة الشخصية إذا وجد مانع أدبي (نقض قرار، 446 لعام 1982. ومماثل له قرار النقض، القرار 321 تاريخ 4/1/1986). وحيث إن قاضي الدرجة الأولى أجاز طالب المخاصمة إثبات العقد المستتر بينه وبين المدعى عليه… بالبينة الشخصية لقيام المانع الأدبي، ولوجود مبدأ ثبوت بالكتابة، وإ، التفات السادة القضاة المخاصمين، وهم أعلى هرم السلم القضائي، عما استقر عليها الاجتهاد يعد خطأ مهنيا جسيما. ومن حيث إن القرار الجزائي الذي قرن البراءة بإعطاء المدعي الشخصي طالب المخاصمة الحق بإقامة الدعوى المدنية، وقد سبب لحكمه ما خلاصته أن ما قام به كل من المدعي عليهما… يجد سنده في القانون المدني، ولا يخالفه، مما يجعل لهذا التسبب الحجية شأنه في ذلك شأن المنطوق، لارتباطه به ارتباطا وثيقا، وهذا ما عليه القضاء، والفقه (هيئة عامة، قرار 33، تاريخ 9/6/1981. ونقض، قرار 580، تاريخ 10/10/1962). ولما كان نفي الحكم الجزائي عن فعل كل من المدعى عليهما جريمة الاحتيال لا يمنع القاضي المدني من سماع دعوى طالب المخاصمة بالصورية، بحسبان أن الاحتيال في قانون الاعقوبات يختلف عن الصورية في القانون المدني، فالقانون المدني يرتب بطلان العقد على الحيل التي يلجأ إليها المتعاقدان، أيا كان نوعها، ولو كانت أكاذيب عارية عن كل فعل خارجي يعززها (على ما هو مستفاد من الفقه العربي «د. رؤوف عبيد في جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال»، ص337).
لذلك نلتمس:
1- وضع إشارة الدعوى على صحيفة العقار (1197)، الشميطيه، دير الزور.
2- قبول الدعوى شكلا، وتحديد موعد النظر في موضوع المخاصمة.
3- قبول الدعوى موضوعا، وإبطال القرار المخاصم رقم (1867)، تاريخ 23/9/2002.
4- تضمين السادة القضاة المخاصمين بالتكافل والتضامن مع وزارة العدل التعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالموكل، وتترك أمر تقديره لهيئتكم الكريمة.
5- تضمين المدعى عليهم الرسوم، والمصاريف، وأتعاب المحاماة.
في المناقشة والقانون:
من حيث إن دعوى مدعي المخاصمة تهدف إلى طلب إبطال القرار المخاصم رقم (1867)، تاريخ 23/9/2000، الصادر عن الغرفة المدنية الثانية لدى محكمة النقض، والحكم بالتعويض عن العطل والضرر الذي لحق بطالب المخاصمة.
تتلخص وقائع القضية بحسب ما جاء باستدعاء الدعوى موضوع القرار المخاصم المؤرخ في 9/11/1998 من أن بين المدعي والمدعى عليه… صلة دم، وعمومة، وقربى وثيقة، وصداقة حميمة جدا… وبحكم هذه العلاقة سمح المدعي، وعلى نفقته، أن ينقل على اسمه ملكية العقار (1997)، من المنطقة العقارية الشميطية، دير الزور، ليستعمله في شراء سيارة «بيك آب» زراعية وترخيصها، ثم يعيدها لاسم المدعي… إلا أن المدعي عليه… نقل تواطؤا ملكية العقار المذكور إلى المدعى عليه الثاني… وهو يعلم (أي المدعى عليه الثاني) أن العقار ضمان يرجع لصاحبه الأول…
وحيث إن الصورية بين الطرفين تعديلهما إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، لأن العقد الصوري لا ينقلب صحيحا مهما امتد الزمن، ولاسيما أن بين المتداعيين.. مانعا أدبيا يجوز معه الإثبات بالشهادة، إذ إن مجرد الصداقة، أو غيرها من الظروف، تعد مانعا أدبيا (قرار نقض، 584 لعام 1963)، وإن إثبات التواطؤ جائز بالبينة الشخصية (نقض، قرار 286 لعام 1977).
وحيث إن ثبوت البيع بالمواطأة يجيز حق الادعاء بإبطال العقد، واسترداد العقار، لذلك يطلب من حيث النتيجة وضع إشارة الدعوى على صحيفة العقار، وفسخ سند التمليك للعقار رقم (1997) الشميطية – دير الزور، بمواجهة المدعى عليهما، وإعادة تسجيله على اسم المدعي… وإلزام المدعى عليهما بالتكافل والتضامن بالتعويض، والرسوم، والمصاريف، والأتعاب.
فقد انتهت محكمة الدرجة الأولى إلى الحكم للمدعي وفق دعواه. ولدى استئناف الحكم أصدرت محكمة الاستئناف قرارها بالأكثرية بفسخ القرار البدائي المستأنف، ورد الدعوى، وصدق قرار محكمة الاستئناف من قبل محكمة النقض برفض الطعن موضوعا، فكانت دعوى المخاصمة هذه المعروضة على الهيئة.
وحيث إنه لئن كان ليس هناك ما يمنع قيام المحكمة باستثبات قيام صلة الصداقة، والتسبب، تمهيدا لإقرارها قيام المانع الأدبي، وعلى اعتبار صلة القرابة والصداقة بين أطراف الخصومة من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض، ذلك أنه يجوز إثبات صورية العقد بالبينة الشخصية إذا وجد مانع أدبي (نقض، قرار 446 لعام 1982).
غير أن الذي جرى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها لم تستمع لشهود المدعي بقيام الصداقة الحميمة، وصلة الدم، والقربى، لإثبات المانع الأدبي التي أبقت هذه الأمور مجرد أقوال مرسلة دون إثبات، وإنما عمدت محكمة الدرجة الأولى، وخلافا للقانون، بإثبات الصورية بين طرفي العقد الواحد، وهو عقد بيع قطعي، ووكالة غير قابلة للعزل، مصدقة من كاتب العدل بدير الزور بالبينة الشخصية، وأصدرت حكمها بالحكم للمدعي وفق دعواه.
وحيث إن محكمة الاستئناف المدنية بدير الزور عندما عمدت إلى فسخ القرار البدائي المستأنف، والحكم برد الدعوى لسبق الفصل بها بالقضاء الجزائي كانت قد اعتمدت على حجية الحكم الجزائي المكتسب الدرجة القطعية الصادر بين طرفي الدعوى المدنية، والذي كان مدعي المخاصمة قد أثار بالدعوى الجزائية موضوع صورية عقد بيع ووكالة، والذي انتهى القرار الجزائي إلى عد البيع منجزا، وليس صوريا، وقضى ببراءة المدعى عليه من جرم الاحتيال.
ومن حيث إن تمسك مدعي المخاصمة بالقول إنه استقر الاجتهاد والفقه على أنه ليس لمحكمة الاستئناف، ولا لمحكمة النقض، الفصل في مسألة غير مطروحة عليها، ولا لبحث وجه لم يتناوله استدعاء الاستئناف، أو استدعاء النقض (هيئة عامة، قرار 940 لعام 1977).
غير أنه للتحقق من هذه الأمور المثارة بدعوى المخاصمة كان على مدعي المخاصمة أن يبرز صورة مصدقة أصولا عن لائحة الاستئناف مع الإشارة على التصديق على أنها مبرزة بالقضية موضوع القرار المخاصم ليصح اعتمادها، لتستدل هذه الهيئة عن صحة ما وصم به مدعي المخاصمة هيئة محكمة الاستئناف عن خروجها عما جاء في لائحة الاستئناف، وما إذا كانت المحكمة المخاصمة قد وقعت بالخطأ الجسيم أم لا.
غير أن الذي هو ثابت بإضبارة هذه الدعوى، وقائمة المفردات، أن مدعي المخاصمة لم يبرز صورة مصدقة أصولا عن لائحة الاستئناف المقدمة من المستأنفين… لاستقرائها، واستبيان ما إذا كانت المحكمة وقعت بالخطأ المهني الجسيم.
كما أن مدعي المخاصمة لم يبرز مذكرات الطرفين المبرزة في إضبارة الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، ودفوعهما، وأمام الاستئناف، والتي أشير إلى بعضها في القرارات المبرزة.
ومن حيث إنه على مدعي المخاصمة أن يبرز الوثائق المتعلقة بدعواه كاملة مصدقة من المرجع المختص يشار في هذا التصديق إلى أنها مبرزة في الدعوى التي انتهت بالقرار موضوع المخاصمة، وذلك ليصار إلى استقرائها لاستبيان ما إذا كانت المحكمة وقعت في الخطأ المهني الجسيم (هيئة عامة، قرار 203، تاريخ 11/11/1996).
ومن حيث إن مدعي المخاصمة لم يبرز الوثائق اللازمة لاستبيان ما إذا كانت المحكمة وقعت في الخطأ المهني الجسيم، مما يجعل دعوى المخاصمة فاقدة لشرائطها الشكلية المنصوص عنها في المادة (491) أصول محاكمات.
يضاف إلى ذلك أن بيان قيد العقار (1997) شميطة – دير الزور، موضوع الدعوى المؤرخ في 1/4/2003 يشير إلى عودة تسجيل ملكية العقار باسم ابن مدعي المخاصمة المدعو… وبذلك يكون قد انتفى كل ضرر على فرض توفره، مما يقتضي رد الدعوى شكلا.
لذلك تقرر بالاتفاق:
1- رد الدعوى شكلا.
2- تغريم مدعي المخاصمة ألف ل.س تدفع لصالح الخزينة.
3- مصادرة التأمين إيرادا للخزينة.
4- تضمين مدعي المخاصمة الرسوم، والمصاريف.
5- حفظ الإضباة أصولا.
قرار صدر بتاريخ 22 صفر 1425 و12/4/2004.
قرار 136 / 2004 – أساس 401 – الهيئة العامة لمحكمة النقض – سورية
قاعدة 15 – اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض في القضايا المدنية للأعوام 2004-2005-2006