الخطأ المهني الجسيم

الخطأ المهني الجسيم

الخطأ المهني الجسيم

– بقصد بالخطأ المهني الجسيم، الانحراف عن الحد الأدنى للمبادئ الأساسية في القانون، و التي تعد من بدهياته، أو الإهمال غير المبرر للوقائع الثابتة في الدعوى.
– إن القاضي الذي لا يدرس الملف بانتباه، و لا يلتفت إلى العرض الوارد في لوائح الخصوم، يرتكب خطأ مهنيا جسيما.
– إن تصرف المؤرث حال حياته و ليس في مرض الموت و لو كان يقصد به حرمان الورثة يعتبر نافذا و ليس صوريا.

وقائع الدعوى
* أسباب المخاصمة:
1- إن التواطؤ و سوء النية ثابت بين المدعى عليهما بالمخاصمة الأب ذاكر… و ابنه وضاح…
2- المحكمة لم تبحث في الدفوع المنتجة و خاصة طلب الشهود لإثبات التواطؤ.
* في القانون:
لما كانت دعوى الجهة المدعية بالمخاصمة إنما تهدف إلى طلب قبول دعوى المخاصمة شكلا و موضوعا و وقف تنفيذ القرار موضوع المخاصمة و من ثم إبطاله و الحكم على المدعى عليهم بدفع التعويض للجهة المدعية بالمخاصمة. و حيث أن هذه الدعوى تفرعت عن الدعوى التي أقامتها الجهة المدعية بالمخاصمة أمام محكمة البداية المدنية بالبوكمال بمواجهة المدعى عليهما ذاكر و وضاح.. و التي تضمنت أن المرحومة خديجة.. مؤرثة طرفي الدعوى، نظمت توكيل عام برقم (157/1202) تاريخ 1987-07-29 للمدعى عليه ابنها (ذاكر) ليقوم مقامها بالدعاوى التي كانت مرفوعة ضدها، و عندما أحس بدنو أجلها و بغفلة عن باقي الورثة قام ببيع حصتها لنفسه و باسم مستعار هو المدعى عليه ابنه (وضاح) من العقارات (700 و 701 و 705) من المنطقة العقارية البوكمال الأولى و نظم له عقد بيع و توكيل برقم (5674/928) تاريخ 2002-03-07 و قام على أثره بنقل الملكية إليه بموجب عقد انتقال رقم (380) تاريخ 2002-04-14 و توفيت على أثره و إن ذلك يخالف المادة (447) مدني و طلبت الجهة المدعية الحكم بإبطال عقد البيع و التوكيل (5674/928) تاريخ 2002-03-07 و ما نتج عنه من عقد نقل الملكية رقم (308) لعام 2002 و فسخ ملكية الأسهم المسجلة باسم وضاح و إلغاء كافة أثاره و إعادة تسجيل ملكية الأسهم باسم المرحومة خديجة… و إلزام المدعى عليهما بالتعويض. و قضت محكمة البداية المدنية بقرارها رقم (505) أساس (79) بتاريخ 2005-08-22 وفق الادعاء استأنف ذاكر و وضاح.. القرار الآنف الذكر لعدم قبولهما بقضائه و أصدرت محكمة الاستئناف القرار رقم (112/285) تاريخ 2006-02-14 بقبول الاستئناف شكلا و قبوله موضوعا و فسخ القرار المستأنف و الحكم برد الدعوى لعدم الثبوت و طعنت المدعيتان بالقرار لعدم رضاهما بما فصل فيه. و أصدرت محكمة النقض القرار (3107) أساس (2590) بتاريخ 2006-12-24 برفض الطعن موضوعا بتعليل واضح أن الوكالة العامة من المرحومة خديجة لابنها ذاكر تضمنت البيع و الفراغ لجميع حقوقها منقولة و غير منقولة و بموجب الوكالة باع ما يؤول من أسهم إرثية من العقارات إلى المدعى عليه وضاح و أن يتضح أن تصدر الوكالة دون تحديد المحل و تكون خاصة في نوع التصرف و عامة في محله و يجوز الوكالة في الإقرار و للوكيل الصفة في إقرار البيع و أن التصرفات التي يجريها المؤرث حال صحته لأحد الورثة تكون صحيحة فتقدمت مدعيتا المخاصمة بهذه الدعوى مدعيتان و وقوع الهيئة المخاصمة بالخطأ المهني الجسيم لعدم بحثها في الدفوع المنتجة بالدعوى و التي لها تأثير على نتيجتها حسب ما جاء بادعائها. و حيث أن الخطأ المهني الجسيم يقصد به الانحراف عن الحد الأدنى للمبادئ الأساسية في القانون و التي تعد من بديهياته أو الإهمال غير المبرر للوقائع الثابتة في ملف الدعوى (هـ.ع) قرار (339/234) تاريخ 2004-05-24 و إن القاضي الذي لا يدرس الملف بانتباه و لا يلتفت للعرض الوارد في لوائح الخصوم يرتكب خطأ مهنيا جسيما و إن التفات الهيئة المخاصمة في الدفوع المثارة و عدم التعرض لها رغم أثرها على النتيجة يدخل ضمن دائرة الخطأ المهني الجسيم قرار هيئة عامة رقم (335/650) تاريخ 2005-12-12 و حيث أن الاجتهاد القضائي مستقر على أن العلاقة الزوجية أو القرابة قرينة على صورية العقد و التواطؤ إلى أن يثبت العكس و يكون ذلك بكافة وسائل الإثبات. و حيث أن المدعى بمواجهته ذاكر… باع للمدعى عليه و بمواجهة وضاح.. الأسهم من العقارات (700 و 701 و 705) البوكمال بموجب عقد بيع قطعي و وكالة خاصة برقم (674/928) بتاريخ 2002-03-07 بموجب وكالته العامة خديجة… رقم (157/1202) تاريخ 1989-07-29 و نقلت الهسام للمدعى عليه وضاح و أن تاريخ البيع هو 2002-03-07 بينما توفيت المؤرثة خديجة في 2003-09-17 و أن التصرف كان حال حياة المؤرثة خديجة و قبل وفاتها بأكثر من سنة و نصف و لم يثبت أن التصرف كان في مرض الموت فيكون صحيحا و نافذا بحق الورثة و لأن الدعوى قدمت في 2005-02-22 بعد وفاة المؤرثة و لم تعترض حال حياتها على البيع أو تدعي ببطلانه و لم يثبت أي عيب من عيوب الإدارة لجهة المؤرثة و إن تصرف المؤرث حال حياته و ليس في مرض الموت و لو كان يقصد حرمان الورثة يعتبر نافذا و ليس صوريا. و حيث أن الجهة المدعية أسست دعواها ابتداء على حكم المادة (447) مدني و التي نصت على أنه لا يجوز لمن ينوب عن غيره بمقتضى اتفاق… أن يشتري لنفسه مباشرة أو باسم مستعار.. ما ينط به بيعه بموجب هذه الإنابة. و حيث أن المادة (449) مدني نصت على أنه يصح العقد في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا أجاز من تم البيع لحسابه. و لما كانت المؤرثة الموكلة لابنها ذاكر… لم تعترض على البيع و لم تدعي بطلب إبطاله و يعني ذلك ضمنا إجازته و لأنه ليس ثمة ادعاء بأن التوكيل أو التصرف كان في مرض الموت من المؤرثة. و أن الوكالة العامة المنظورة من المؤرثة خديجة لابنها ذاكر وكالة عامة تتضمن البيع و الفراغ و قبض بدلات المبيع و الإبراء و الإسقاط و لم تستثن سوى السيارات و إن توكيل الوكيل ذاكر لابنه وضاح و على فرض أنه كان لصالح الوكيل باستعماله اسم ابنه المستعار فإن الموكلة لم تدع أو تعارض تصرف ابنها لابنه طيلة حياتها. كما أن الجهة المدعية لم تدع أن تصرف مؤرثتها كان في مرض الموت. و إن الوكالة العامة موضوع الدعوى ليست وكالة لأعمال الإدارة فقط لا سيما و أنه تم تسميته التصرف القانوني الذي خولت فيه الموكلة المؤرثة ابنها ذاكر بالتصرف فيه و أن التصرفات المنجزة التي يجريها المؤرث لأحد ورثته حال صحته تكون صحيحة و نافذة و ليس ثمة إساءة في استعمال الوكالة أو تجاوز حدودها و على فرض ذلك فإن الجهة المدعية بالمخاصمة لم تثبت أن التصرف كان في مرض الموت و لم يدع بذلك منها و لا مبرر لإثبات التواطؤ أو صورية العقد من المدعيين لأنه لم يبق لهم هذا الحق بعد نفاذ التصرف و وفاة مؤرثتهم و أنه ليس ثمة خطأ مهني جسيم وقعت به الهيئة المخاصمة و إن عدم الاستجابة لإثبات التواطؤ ليس منتجا في هذه القضية و إن كان جائزا و ثبات التواطؤ بالبينة الشخصية و إن أسباب المخاصمة لا تنال من سلامة القرار المخاصم لذلك و عملا بأحكام المادة (466) أصول مدنية.
* لذلك تقرر بالإجماع:
1- رد دعوى المخاصمة موضوعا.
2- مصادرة التأمين لصالح الخزينة.
3- تضمين مدعيتا المخاصمة الرسم و المصاريف و الأتعاب.
4- ضم صورة عن هذا القرار لملف الدعوى.
قرار 160 / 2018 – أساس 43 – الهيئة العامة لمحكمة النقض – سورية
قاعدة 9 – م. المحامون 2018 – اصدار 09 إلى 12