بحث حول مهر المثل
- July 3, 2023
- Yasser Hazzory
بحث حول مهر المثل
نصت الفقرة الثالثة من المادة /154/ قانون الأحوال الشخصية:
3- عند استيفاء المهر كلا أو بعضا تكون العبرة للقوة الشرائية للمهر وقت عقد الزواج على ألا يتجاوز مهر المثل يوم الاستحقاق ما لم يكن هناك شرط أو عرف خلاف ذلك.
بداية نقول: أجمع الفقهاء وأهل العلم ممن لهم باعٍ طويل في دراسة قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية والإسلامية على إن قانون الأحوال الشخصية السوري هو أفضل قوانين الأحوال الشخصية في بلاد العالمين العربي والإسلامي.
فهو يمتاز بحسن الصياغة وسلاسة التعبير فيما جرت صياغته من مواد قانونية منه وما جنح اليه المشرع فيه للأخذ بالمصلحة العامة وعدم التقييد بمذهب معين من مذاهب المسلمين، بحيث يمكن وصفه بانه الصق قوانين تلك البلاد رحما بالسنة النبوية المطهرة وأكثرها وفاء بحاجات إنسانية ومواكبة لما حملته الحياة من تطور. كما إن الغرفة الشرعية لمحكمة النقض الموقرة، قد أقرت مبادى في القضاء الشرعي وصلت درجة استقراراها إلى مرتبة النص القانوني، وان هذا الاستقرار له أهميته بحسبان إن القضاء الشرعي: يستمد أحكامه من الشرعية الإسلامية.
حيث نصت المادة /305/ من قانون الأحوال الشخصية .
كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي.
يرجع في فروع كل مسألة قانونية نص عليها في هذا القانون إلى القول الأرجح في المذهب الفقهي الذي استمدت منه هذه المسألة.
إن محكمة النقض الموقرة أساس /510/ قرار /672/لعام 2020 أوضحت الفقرة الثالثة من المادة /154/ أحوال شخصية :
أولا”: إن الحكم بالقوة الشرائية للمهر وقت الاستحقاق لا يكون إلا بناء على طلب الزوجة الصريح بمعنى إن المحكمة لا تقضي من تلقاء نفسها ويكون قاصرا على المهر غير المستوفى فقط.
ثانيا”: إن المقصود بيوم الاستحقاق هو تاريخ الطلب المقدم من الزوجة وليس تاريخ التنفيذ والوفاء لأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى القول باختصاص دائرة التنفيذ على اعتبار إن الوفاء يكون أمامها وهو مالا يصح قانونا “كون الفصل في قيمة المهر هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في صلاحيات محكمة الموضوع وليس شانا” تنفيذيا” وليس من صلاحيات رئيس التنفيذ.
ثالثا”: لابد من استثبات مهر المثل ويثبت مهر المثل: بأخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين فان لم تقم البينة عليه كان القول قول الزوج بيمينه وهو ما عليه الراجح في المذهب الحنفي سندا” لأحكام المادة /77/ من مجموعة قدري باشا في الأحوال الشخصية وهي المعول عليها في استظهار القول الراجح عن الحنفية وان للقاضي ممارسة سلطته الموضوعية في تقدير البينة والترجيح بين بينات الطرفين ووثائقهما ثم استنباط مقدار مهر المثل على ضوء ما يظهر له من أدلة الطرفين.
رابعا”: بعد أن يتثبت القاضي من مقدار مهر المثل فان له أيضا” أن يمارس سلطته التقديرية في حساب المهر وفق القوة الشرائية والقاضي هو من يحدد مقدار المهر مراعيا” في ذلك كل العوامل التي تدخل في مفهوم القوة الشرائية وليس فقط قيمة المعادن الثمينة أو العملة الصعبة , أي أن ينظر القاضي إلى القوة الشرائية كوعاء متكامل يشمل كل العناصر التي تحدد هذه القوة , ومن ذلك ظروف المعيشية , أثمان السلع , متوسط الدخل , الظروف الطارئة والاستثنائية التي يمكن أن تكون قد أدت إلى انخفاض قيمة النقد أو ارتفاعه بشكل كبير ومفاجئ ولا يستقيم من باب العدالة والأنصاف جعل الظروف الطارئة في مصلحة أحد الطرفين دون الآخر لأن هذه الظروف في الأصل هي من الأمور غير المتوقعة والتي لم تنشأ عن إرادة المدين أو الدائن ولم يتوقعها كلاهما عند أجراء عقد النكاح فعلى القاضي أن يلاحظ كل ذلك عند حساب قيمة المهر وله أن يستعين بالخبرة الفنية من ذوي الاختصاص في الاقتصاد والمال إن رأى ذلك , ثم يقوم القاضي بعد ذلك بتقدير القوة الشرائية للمهر مراعيا” العوامل السالف ذكرها وتحت سقف مهر المثل الذي ثبت له وبما يجبر الضرر اللاحق بالزوجة.
ما هو مهر المثل
مهر المثل حسب نص المادة /77/من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا
مهر المثل للحرة هو مهر امرأة تماثلها من قوم أبيها كأختها أو عمتها أو بنت عمها أو عمتها ولا تمثل بأمها أو خالتها إذا لم تكونا من قوم أبيها وتعتبر المماثلة وقت العقد سنا وجمالا ومالا وبلدا وعصرا وعقلا وصلاحا وعفة وبكارة وثيوبة وعلما وأدبا وعدم ولد، ويعتبر أيضا حال الزوج.
فان لم يوجد من يماثلها من قبيلة أبيها في هذه الأوصاف كلها أو بعضها فمن قبيلة أخرى تماثل قبيلة أبيها، ويشترط في ثبوت مهر المثل أخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول ولفظ الشهادة فان لم يوجد ذلك فالقول للزوج بيمينه.
مهر المثل حسب ما عرفتها محكمة النقض الموقرة :
إن مهر مثل المدعية يعلم من مهر امرأة تماثلها من قوم أبيها كأختها وبنت عمها وقت العقد سنا وجمالا وبلدا وعمرا وعقلا ودينا وبكارة وثيوبة وعفة وعلما وأدبا وكمال خلق وعدم ولد ويعتبر حال الزوج أيضا.
قرار 360 / 1973 – أساس 353 – محكمة النقض – دائرة الأحوال الشخصية – سورية قاعدة 454 – الوافي في قضاء الأحوال الشخصية 1970 – 1991 –
مهر المثل وفق ما جاء في كتاب مختصر شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية
تأليف محمد زياد الابياني بك صفحة (77) حتى الصفحة (78)
ومهر المثل يعتبر بعشيرتها من قبيلة أبيها: كالأخوات والعمَّات وبنات الأعمام.
وقال بعضُهم: يعتبر بأمّها وقومٌ أمّها؛ لأن المهرَ قيمةُ لبضع النساء، فيعتبرُ بالقرابات من جهة النساء. وليس بشيء.
وإنّما اعتبر بقوم الأب:
لقول ابن مسعود ( فيمن تزوَّجت بلا مهر: لها مهر مثل نسائها. وهن أقارب الأب؛ لأنه أضاف إليها.
وإنما يضاف إلى أقارب الأب؛ لأن النسبَ إليه.
ولأن قيمةَ الشيء إنما تعرف بالرجوع إلى قيمة جنسه، والإنسان من جنس قوم أبيه لا من جنس قوم أمّه، ألا ترى أن الأمّ قد تكون جارية، والبنت تكون قرشيّة تبعاً لأبيها، ولا تمثل بأمّها وخالتها إذا لم تكونا من قبيلة أبيها، فإن كانتا كذلك، مثلث بهما، بأن يكون أبوها قد تزوَّج بنت عمّه، فإنّ أمّها وخالتها تكونان من قبيلتها.
ويعتبر في مهر المثل: أن تتساوى المرأتان: وهي المقيسة والمقيس عليها وقت العقد: سناً، وجمالاً، ومالاً، وبلداً، وعصراً، وصلاحاً، وعقلاً، وعفّة، وبكارةً، وثيبوبةً، وعلماً، وأدباً، وعدم ولد؛ لأن المهرَ يختلفُ باختلاف هذه الأوصاف لاختلاف الرغبات فيها.
ويعتبر أيضاً: حال الزوج بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها: أي في المال والحسب وعدمهما؛ لأن لهما مدخلاً في غلو المهر ورخصه، وكذا للجمال والعقل والتقوى والسنّ مدخلٌ من جهة الزوج أيضاً، فينبغي اعتبارها في حقّه؛ لأن الشاب يتزوَّج بأرخص من الطاعن في السنّ، وكذا التقي بأرخص من الفاسق، فإذا لم يوجد مَن يماثلها من قوم أبيها في هذه الأوصاف كلها أو بعضها ينظر إلى امرأة تماثلها في هذه الأوصاف من قبيلة تماثل قبيلة أبيها في الشرف والرفعة، ويفرض لها مهرها الذي تزوجت به؛ لأنه هو مهر مثلها.
كيفية أثبات مهر المثل:
مهر المثل يثبت بإخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول بلفظ الشهادة على النحو الذي آتت على ذكره المادة /77/ من كتاب الأحكام الشرعية لقدري باشا الواجب العمل بها بدلالة المادة /305/ من قانون الأحوال الشخصية لأنه يحوي الراجح من المذهب الحنفي.
1 – لتحديد مهر المثل لا بد من إخبار رجلي عدل أو رجل وامرأتين عدول وبلفظ الشهادة على مهر امرأة تماثل المدعية في وقت العقد لجهة السن – والجمال – والمال – والعقل والصلاح – والعفة و البكارة و الثيبوبة – و العلم و الأدب و عدم الولد، مع الأخذ بعين الاعتبار حال الزوج، و يجب أن تكون المرأة التي تماثل المدعية من قوم أبيها، فإن لم يكن فمن قوم آخرين يماثلون قوم أبيها، و النظر في حال الزوج من حيث المال و الحسب و الجمال و العقل و التقوى و السن.
2– يجب على الشاهد أن يصرح بوقوفه على صفات أمثال الزوجة وصفات أزواجهن، وذكر كل صفة في هؤلاء النسوة وفي أزواجهن ومقدار المهر الذي جرى عليه، وعليه أن يصرح بصفته الزوجة المراد فرض المهر لها و صفة زوجها، و على المحكمة أن تدقق بتلك الأوصاف و تطابق بينها و تبين قناعتها في هدى ذلك.
3– عند خلو المدعي من البينة فإن على المحكمة أن تسأل الزوج وتأخذ بقوله في تحديد مهر المثل بعد تحليفه اليمين على ذلك عملا بالقاعدة الفقهية: (كل من قبل قوله فعليه اليمين).
في أثبات مهر المثل وفق ما جاء في كتاب مختصر شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية
تأليف محمد زياد الابياني بك صفحة (77) حتى الصفحة (78)
نصت المادة (76) من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا
إذا لم يسمِّ الزوجُ أو وليه مهراً وقت العقد وَجَبَ عليه مهرُ المثل، وهكذا لو سمَّى تسمية فاسدة، أو حيواناً مجهول النوع، أو مكيلاً أو موزوناً كذلك، أو نفي المهر أصلاً، ويجب أيضاً مهر المثل في الشغار، وفي تعليم القرآن للأمهار (يعني اذا تزوج رجل امرأة وجعل مهرها أن يعلمها شيا” من القران . فالعقد صحيح والتسمية غير صحيحة وحيند يجب عليه مهر المثل.).
عندما يرادُ إثبات مهر مثل امرأة يشترط إخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول بأن يقولا نشهد أن مهر مثلها مئة جنيه مثلاً؛ لأن فلانة التي هي من قبيلة أبيها تساويها في الأوصاف المعتبرة من كذا وكذا، وقد تزوَّجت بهذا المبلغ.
ولَمَّا كانت هذه الأوصاف قلَّمَا تتَّحد في امرأتين سواء كانت من قبيلة واحدة أو من قبيلتين، فإن اتفق الزوجان على أن مهرَ مثلها مئة جنيه مثلاً، فلا كلام؛ لأن الزوجَ قد رَضِيَ بدفع هذا المبلغ لها، وهي رضيت بأخذه.
وإن اختلفا فمن البديهي أن الزوجةَ لا بدَّ أن تدعي الأكثر بأن تدعي أن مهرَ مثلها مئتا جنيه، والزوج يقول: إنّه مئة وخمسون، وحينئذٍ يكون القول للزوج بيمينه؛ لأنه ينكرُ الزيادة والقول لمَن ينكرها، فإن حلفَ لزمَه ما يدَّعيه فقط، وإن امتنع عن اليمين لَزِمَه ما تدَّعيه هي وأيّهما أقامَ البيِّنةَ على ما يدَّعيه قُبِلَتْ بيِّنتُه.وهذا كلُّه بالنسبة للحرة، وأما في الجواري، فإنّه ينظر إلى مثل تلك الجارية جمالاً وسيِّداً بكم تتزوَّج ويعتبر مهر مثلها بذلك. أنظر مادة (77).
وقد علمت ممَّا تقدَّم أن المهرَ: إمّا أن يسمَّى في العقد أو لا.
فإن سمِّي في العقد: فإمّا أن تكون صحيحة أو غير صحيحة.وإذا لم يسم في العقد، فإمّا أن يكون مسكوتاً عنه أو منفياً.فإن سمِّي وكانت التسميةُ صحيحةً فهو الواجب.
وإن سمِّي وكانت التسمية غير صحيحة؛ لأي سبب من الأسباب المتقدمة، أو كان مسكوتاً عنه، أو منفياً في العقد وجب مهر المثل.
فالمهر على العموم يجب بمجرَّد العقد، وينبني عليه: أنه إذا تزوَّجت امرأة بلا مهر، وجب لها مهرُ المثل في هذه الحالة؛ لأن المهرَ في الابتداء ليس خالصُ حقِّها، بل فيه حقّ الله تعالى إلى العشرة، وفيه حق الأولياء إلى مهر المثل، وفيه حقّها ابتداء وبقاء، فليس لها أن تسقطه.
ويترتب على ذلك أن لها أن تطلب من الزوج فرضَ مهر لها، ولو قبل الدخول، ومتى طلبت منه ذلك يجب عليه أن يفرض لها، فإن قام بهذا الواجب واتفق معها على شيء فبها، ولو كان أقل من مهر المثل إلا إذا كان هناك وليّ عصبة فله حقّ الاعتراض في هذه الحالة .
وخلاصة القول :إن اللجوء إلى تحديد مهر المثل بالاطلاع على عقود الزواج فيه خطأ كبير، وغير معتبر شرعا وقانونا.
المحامي ياسر مصطفى الحزو ري
عضو مجلس نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية